الأحد 2015/03/22

آخر تحديث: 11:55 (بيروت)

السوريون في لبنان: شبح التطرف

الأحد 2015/03/22
السوريون في لبنان: شبح التطرف
أكثر من 15 منظمة تعمل في مجال الصحة، مسجلة في قوائم UNHCR لا أثر لها على الأرض (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
بات يُسمع كثيراً في أوساط النازحين السوريين في لبنان عبارات تهكمية من قبيل: "عم يجبرونا نروح مع داعش". ويعود ذلك إلى تظافر مجموعة من العوامل في غير صالح النازحين. فالصيغة التي ابتكرتها الحكومة اللبنانية، القائلة بأن السوري نازح وليس بلاجئ، شكلّت حلاً سياسياً ضمن الصيغة اللبنانية الحالية، لكنها وضعت صعوبات هائلة في وجه السوريين.

كما أن صدور قانون مجحف لتنظيم اللجوء، بالترافق مع إغلاق شبه كامل للحدود، والتعقيد القريب إلى الاستحالة في إجراءات تجديد الإقامة التي أصبحت ضرورة قانونية، خلق ظروفاً تكبيليّة للنازحين، ستجعل من غالبيتهم العظمى مقيمين غير شرعيين في لبنان، بعد مضي ستة أشهر على صدور القانون، أي في تموز/يوليو القادم، كون مدة الإقامة ستة أشهر فقط.

القانون الجديد يتطلب وجود كفيل لبناني، وتعهد بعدم العمل، أو حجز فندقي ورصيد بنكي ضخم، أو مقابلة في سفارة أجنبية، أو مغادرة من مطار رفيق الحريري..إلخ. بحيث بات من يدخلون لبنان يومياً، هرباً من حرب مستعرة، لا يتجاوز العشرات بعد أن كان آلافاً.

وإذا أضفنا إلى ذلك المزاج العام اللبناني، المائل إلى النفور من السوريين، وحدوث الكثير من تعديات اللبنانيين بحق اللاجئين؛ كالتعذيب والقتل، ومنع التجول، والتحريض اللفظي، والمضايقات، والتحرش الجنسي واستغلال الأطفال والنساء في شبكات دعارة منظمة، واحراق المخيمات وترحيلها، فإن ذلك يدفع السوري للشعور بأنه في خطر دائم. وتقع مسؤولية كبيرة على الحكومة اللبنانية، بعدم ملاحقة هذه التعديات، وغض النظر عن مفتعليها.

تسوية وضع النازحين الذين دخلوا لبنان بشكل غير شرعي، تكلف بحدود 600 دولار للشخص الواحد، وسند إقامة، وهذا أمر شبه مستحيل للغالبية العظمى منهم، ما يجعل وجودهم في لبنان غير قانوني، ويجعل من حركتهم داخل البلد شديدة التعقيد، ما يلزمهم بالبقاء في مناطق محددة، كعرسال مثلاً، رغم كم الأخطار المحيطة بهم.


النازحون إلى برّ إلياس

في برّ إلياس ومحيطها، يعيش نحو 300 ألف نازح سوري، من مختلف المناطق السورية، وقد جاؤوا بالغالب من مناطق شعبية، تدور فيها اشتباكات، أو تعرضت للتدمير، أو لم يعد بمقدورهم العودة. معظم النازحين كانوا من الطبقات الوسطى فما دون. ومنهم من كان يقيم بمخيمات في سوريا. أكثر من 70 في المئة من النازحين هم نساء وأطفال.



ويتم استئجار الأرض والخيام من قبل جمعيات ومنظمات، أو من قبل النازحين المعتمدين على المساعدات من الداخل السوري، وفي حالات كثيرة، تعمل النساء النازحات في الزراعة و"الفاعل" لتأمين الإيجار والمعيشة.

في مخيم الملعب ببر إلياس، هدّد صاحب المخيم النازحين بالاخلاء، إذا لم يضاعفوا له قيمة إيجار الخيمة من 500 ألف إلى مليون ليرة لبنانية في السنة. كما أن وضع رئيس بلدية أية منطقة، يحدد طريقة التعامل مع المخيمات.

لا تعليم حقيقياً لأطفال النازحين في بر الياس حيث لا توجد مدارس منتظمة، وأحياناً يتم استخدام أبنية المدارس الحكومية اللبنانية مساءً، بعد انتهاء الدوام الرسمي. لكن الطلاب، في العموم الغالب، لا يحصلون على تعليم كافٍ، ولا يحظون بوثائق رسمية. وإذا وازنا بين جودة التعليم، وعدد الطلاب، فإن ما يُقدم في هذا المجال، يكاد لا يتجاوز محاولاتٍ في فك أمية عشرات الآلاف من الأطفال.

في مسح ميداني لمدينة بر إلياس وضواحيها، فقط ثلاثة مستوصفات تعنى بـ50 ألف نازح؛ أحدها لجمعية سورية يقدم خدمات عيادية فقط بأسعار رمزية، ومستوصف الحريري ومشفى الهلال الأحمر الفلسطيني. سقف الرعاية الطبية إجمالاً شديد التدني، وبالإضافة إلى امكانات المستوصفات المحدودة، فإن صعوبة التنقل على النازح تجعل الأمر أكثر صعوبة. كما أن المرحلة الثانية والثالثة من المعالجة الطبية غير متوفرة للنازح العادي. وهذا يتضمن التحاليل والصور والاستقصاء المرضي، والدخول إلى المشافي بغرض الاستشفاء، واجراء العمليات الجراحية.

لدى UNHCR قائمة بمجموعة أمراض وعمليات تقوم بتغطية 75 في المئة من تكاليف معالجتها، ولا تدخل ضمنها الأمراض المزمنة والخبيثة. وعدا أن الـ25 في المئة المتبقية، تمثل استحالة للنازح كي يؤمنها، فإن أكثر من 15 منظمة تعمل في مجال الصحة، مسجلة في قوائم UNHCR لا أثر لها على الأرض.

الحكومة اللبنانية لم تقدم شيئاً يذكر للنازحين في مجال الصحة، بل لا توجد لديها بيانات صحية عن اللاجئين، وهي خطوة أولية لضبط الوضع الصحي. الحكومة قدمت بعض اللقاحات للأمراض السارية، من دون تنظيم، رغم أن هذه الأمراض وفي حال انتشارها، ستعود بالأذى على كامل السكان. فالمخيمات تعتبر تربة خصبة لانتشار الأمراض السارية، وعدم السيطرة عليها، وخاصة في الشتاء والصيف.

شروط عمل الأطباء السوريين معقدة جداً، وتتطلب تعديلاً للشهادة وتسجيلاً في نقابة أطباء لبنان، وهو ما يفوق في تكاليفه قدرة أي طبيب سوري. وإذا كان هناك "غض نظر" من قبل الحكومة اللبنانية أحياناً تجاه مزاولة الأطباء السوريين العمل في المخيمات، إلا أن القوانين الناظمة غائبة تماماً، وهو ما يعرض الأطباء للخطر.


عرسال

في عرسال أكثر من 100 ألف نازح، جاؤوا على موجتين؛ بعد سقوط القصير وريفها في حزيران/يونيو 2013، وبعد سقوط القلمون في آذار/مارس 2014. ومعظم اللاجئين فيها دخلوا بشكل غير شرعي. وفي حين تمكنت موجة النزوح الثانية، القلمونية، من الانتقال إلى مجدل عنجر وعنجر وسعدنايل، نتيجة امتلاكهم لبعض مصادر الدخل، بقيت الكتلة الحمصية الكبيرة في عرسال.

وضع المخيمات في عرسال أفضل من بر الياس، حيث قام باستئجار الأرض عدد من المنظمات والجمعيات الأهلية وخاصة دار الفتوى التي تمثل مفوضية اللاجئين في المنطقة، ووزعت الأمم المتحدة الشوادر لإقامة الخيام وأقامت في بعض المخيمات نظم صرف صحي وتزويد بالماء، وإن كان في حدوده الدنيا. ويبلغ عدد المخيمات في عرسال حالياً 73 مخيماً.

كما أقام عدد من الجمعيات الإسلامية والخليجية، مخيمات وكرافانات مدفوعة بالكامل كمخيم الأيتام والشهداء. كما توجد مخيمات عشوائية، تؤجر بالخيمة فيها بـ35 ألف ليرة شهرياً تدفع لصاحب الأرض، وأغلب هذه المخيمات تقع بعد حاجز الملاهي خارج عرسال، والتي اعتبرتها الحكومة اللبنانية أراضي غير لبنانية، ما أجبر الأمم المتحدة وجميع المنظمات الإغاثية على وقف نشاطاتها هناك بعد توقيع عقود تلتزم فيها بالعمل ضمن الحدود اللبنانية. ويقيم خارج الحاجز ما يقارب 500 عائلة.

تعاني المنطقة من غياب الإغاثة المنتظمة، واقتصارها على المواسم، وخاصة خلال الشتاء والعواصف. في المنطقة عائلات لم توزع عليها أي حصص إغاثية منذ أكثر من سبعة أشهر. وتوزع مفوضية الأمم المتحدة بطاقات الإعانة من مركز زحلة، وهذا يعني المرور على حواجز الجيش اللبناني وحزب الله، اللذين قاما باعتقالات عشوائية كثيرة لمعظم الذكور البالغين، ويتم الاعتقال غالباً بعد تفتيش الهواتف الخليوية. وغالباً ما يتبع التوقيف الإعتباطي، ختم أوراق النازح بكلمة "تسفير"، ما يعني انهاء اقامته، وتعريضه للاعتقال على أي حاجز.

الحواجز في هذه المنطقة تطلب دائماً أوراق تسوية الوضع، ما يجعل من النساء والأطفال وحدهم من يعبرون إلى مركز الأمم المتحدة، لتلقي "كوبونات مكافحة الجوع" كما يسميها النازحون، والتي تتضمن 19 دولاراً في الشهر للشخص، تصرف كبضائع تموينية في المحال التجارية. الخوف من الإعتقال والإهانة، دفع الآلاف إلى تجنب النزول واستلام الكوبونات، أي البقاء في عرسال.

اقترحت مؤسسة عامل، أن يتم قبول الطلاب السوريين في المدارس اللبنانية، بعد انتهاء دوامها النظامي، فرفضت الحكومة اللبنانية ذلك، بسبب عدم رغبتها في وضع ميزانية جديدة للمدارس، ما دفع مفوضية اللاجئين إلى تبني تغطية التكاليف، فبادرت الحكومة إلى رفع سقف التكاليف، وبالتالي رفض المشروع.

بعض المخيمات، كعائدون والشهداء والقلمون والأساتذة، أقامت مدارس داخلية، وعرضت الحكومة المؤقتة التابعة للإئتلاف الوطني على بعض مدارس المخيمات تأمين المناهج والكتب الدراسية. وعموماً تلجأ هذه المدارس الداخلية إلى التبرعات، وبعض الحالات ساعدت فيها الحكومة اللبنانية.

منظمات المجتمع المدني اهتمت بالدعم النفسي أكثر من التعليم، حيث أقامت "مراكز حرة" لإعادة الطلاب إلى حياة المدرسة الطبيعية، مع تبني نهج: "يوم تعليم ويوم لعب". الطلاب لن يحوزوا أي شهادات. ويُسجل هنا قبولاً أوسع لهذه الفكرة بين أهالي الطلبة القلمونيين، من الحماصنة وأهالي القصير، حيث بلغت نسبة الطلاب القلمونيين 90 في المئة، في مقابل 10 في المئة من أطفال القصير.

يلخص ناشط مدني الوضع الصحي في مناطق عرسال بأنه ببساطة "شحاذة" على أبواب الجمعيات، و"كل من يمرض يصح لوحده"، كما يقول آخر. طبعاً هناك مركز صحي أقامه تجمع عائدون، ومشفى الرحمة ومشفى أبو طاقية يقدمان اسعافات أولية فقط.

تمثل عرسال منطقة شاذة بالمقارنة مع كامل المنطقة الشرقية، وذلك بالنسبة للنظام السوري وحزب الله، ومنذ بداية تدخل الحزب في الشأن السوري أراد تأمين هذه المنطقة، لكنها بقيت خارج نفوذه، وخاصة أنها تضم أكثر من 100 ألف نازح، وتشكل حاضنة شعبية للمعارضة السورية المسلحة.


معركة عرسال

في مطلع أب/اغسطس 2014 تم توقيف قائد "لواء فجر الإسلام" عماد جمعة الملقب بأبو أحمد، ما تسبب في اندلاع مواجهات بين اللواء والجيش اللبناني، استمرت أربعة أيام، وشاركت فيها جبهة النصرة و"صقور الفتح"، وتسببت في مقتل 60 شخصاً، وخطف جنود لبنانيين.

جماعة أبو أحمد جمعة، والتي لا يتجاوز عدد مقاتليها الـ 100، تعمدت الدخول بين المخيمات واطلاق النار على الجيش، ما دفع الجيش لاطلاق ذخيرة حارقة على المخيمات، تسببت في احراق 18 مخيم، جزئياً أو كلياً، بين منطقة البابين ورأس السرج. في لحظات المعركة، انضم عشرات الشباب الصغار النازحين إلى المظاهر المسلحة، بشكل عشوائي، ودخلوا المعركة بدون أي تجهيز أو سلاح أو تدريب، وأغاروا على حواجز الجيش على متن دراجات نارية، وهم يستخدمون الزمامير وطلقات الخرطوش.

اعتبرت الجماعات المسلحة أنها انتصرت، بعد ايقاف المعركة نتيجة الاتصالات بين القوى، والتهدئة بعد خطف الجنود اللبنانيين. احساس المسلحين بفائض القوة، انتقل إلى الناس، حيث وجدوا قوة عسكرية تدافع عنهم.

المجموعات المسلحة رفعت شعار "الدفاع عن المسلمين"، والكثير من البيانات الصادرة عن جبهة النصرة لوّحت بقتل العسكريين المخطوفين لديها، إذا تعرض النازحون أو أهل عرسال للأذى. وحين فُرض الحصار على عرسال ومنعت المساعدات الغذائية من الدخول، هددت الجماعات المسلحة بقتل الأسرى، ما أوقف الحصار. اللاجئون اعتبروا أن ذلك سند يمكنهم الاعتماد عليه، في ظل غياب أبسط مقومات الحياة لهم، والاستمرار في تنكيلهم وقتلهم على جانبي الحدود. رفع ذلك من أسهم الجماعات المسلحة المتهمة بالتطرف، واستقطبت العديد من شباب النازحين في صفوفها.

تصرفات بيئة حزب الله المعادية للنازحين في البقاع ومحيط عرسال خصوصاً، وحملات الاعتقالات العشوائية ضد السوريين والعراسلة، والتنكيل بهم، دفعت المزيد من النازحين إلى هذه المجموعات. كما أن حماية الجيش لنفسه، والمداهمات التي أجراها لاحقاً في عرسال، وما رافقها من تجاوزات بحق أهل عرسال والنازحين، زادت من تعاطف الناس مع الجماعات المسلحة. حتى أن الأهالي واللاجئين خرجوا في مظاهرات تطالب جبهة النصرة بالتدخل لحمايتهم، ورددت فيها شعارات: "أبو مالك فوت فوت.. بدنا نوصل عبيروت". وأبو مالك هو أمير النصرة في تلك المنطقة، حينها.

وتضم جبهة النصرة حوالي 3000 مقاتل في جرود عرسال، في حين كان لتنظيم الدولة الإسلامية بحدود 50 مقاتل، قبيل المعركة، وارتفع العدد إلى 600 مقاتل بعدها. وقد لا يكون جميع المنتسبين الجدد من نازحي عرسال، نظراً لوصول تعزيزات من الداخل السوري للتنظيم. ومعظم منتسبي التنظيم هم من ريف القصير الحمصية، وغالبيتهم، كما يشهد مقاتلو الجيش الحر، لا علاقة لهم بالدين، ويطرحون مثالاً على ذلك، القيادي في التنظيم موفق عبد الله المعروف بأبو السوس.

ولأن المعارضة السورية المسلحة، لا تمتلك قنوات دعم وتمويل، نجح تنظيم الدولة في استقطاب عدد من الكتائب، ووفر لهم المال والسلاح مقابل مبايعته.

وفيما يعتبر إشارة هامة، إلى عدم نضج مفهوم التطرف في مقاربة الجماعات المسلحة السورية، انقلب أهل القصير وهم من أول المنضوين تحت جناح التنظيم، ضده، في كانون أول/ديسمبر 2014. وذلك لأن تصرفات التنظيم الاستفزازية، واعتداءاته على الداخل اللبناني ومراكز الجيش، أفقدته الكثير من التعاطف معه. يضاف إلى ذلك، تعيين عدد من أمراء التنظيم من المهاجرين غير السوريين، والظلم الذي ألحقوه بالنازحين والجيش الحر، وتثبت الناس من عدم جدية داعش في مواجهة النظام.

ويُذكر بأن عدداً كبيراً من مقاتلي المعارضة المسلحة المعتدلة والناشطين السوريين في عرسال، باتوا مطلوبين من قبل النظام السوري والجيش اللبناني وحزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية.


طرابلس

في طرابلس وعكار يقطن 36 في المئة من النازحين السوريين إلى لبنان، ويسكن معظمهم المخيمات والعشوائيات. وتكاد تنعدم الخدمات فيها، ويطلق النازحون على من يقدم شحيح المساعدات لقباً تهكمياً: "شيخ الكراتين"، ويسخرون من عمل المنظمات الإنسانية، ويقولون إنها تقوم فقط بـ"جلسات تصوير"، ثم تختفي.



وحتى في الأوساط الشعبية السنية، بدأت حالة من النفور تجاه السوريين تسود المشهد الطرابلسي، وينظر لهم على أنهم "داعشيون".

بحكم العلاقة المختلطة، من المصاهرة والقرابة، بين أهالي طرابلس اللبنانية وأرياف الداخل السوري، تبدو العلاقة إشكالية حين التمييز بين النزوع الجهادي السلفي لدى اللبنانيين والنازحين السوريين. فكثير من أعضاء جماعات جهادية سلفية لبنانية، ممن شاركوا في معركة نهر البارد أيار/مايو 2007، انتقلوا للجهاد في سوريا مع دخول الثورة طورها المسلح.

ومن مرفأ طرابلس يتم نقل الشباب المتحمس من سوريين ولبنانيين إلى تركيا، ومن ثم إلى الداخل السوري. قبل ذلك كان الانتقال يتم بشكل مباشر عبر منطقة وادي خالد. وعلى الرغم من أن أهالي الضنيّة والمنية وعكار أكثر انفتاحاً من بقية السنة في لبنان على الجهادية السلفية بحكم قتال بعضهم سابقاً في أفغانستان، إلا أن الاضهاد بحقهم أيام الوصاية السورية على لبنان ساهم في زيادة شعورهم بالغبن، يضاف إلى ذلك حالة التهميش والافقار التي تعيشها المنطقة.

علاقة النظام السوري المتوترة تاريخياً بالطرابلسيين، ساهمت في تغذية الفكر الجهادي، ضد النظام بالذات، حيث لم يعنى الطرابلسيون كثيراً بالجهاد في العراق في الـ 2003.

وما يسهل حالياً عمليات التجنيد من طرابلس، في صفوف الجماعات الجهادية في سوريا، هو وجود عدد من القادة الطرابلسيين فيها.

المجموعات الجهادية، تستغل استياء السوريين من ظروفهم بالغة السوء في طرابلس، وخاصة استغلال نسائهم لقاء تلبية غذائهم، ما يجعلهم شديدي النقمة ضد النظام السوري الذي تسبب في طردهم من بيوتهم. كما أن شيوخاً في التيار السلفي الجهادي، من اللبنانيين، يفتون بالجهاد للسوري قبل اللبناني.


وفي النهاية

يبقى الأخطر في كل ما سبق، هو نشوء جيل جديد من الأطفال، ممن دخلوا عامهم الخامس في ظل النزوح، في بيئة تستعديهم، محرومين من التعليم والمعرفة والطبابة، ومعرضين لأنواع مختلفة من الاستغلال، تبدأ بالعمل الجائر مروراً بالتحرش الجنسي، وليس نهاية بنمو الفكر الجهادي، السطحي في المفاهيم، والعميق في الحقد.





*ورقة بحثيّة قدمت في مؤتمر بعنوان:"تهميش الشباب وتطرفهم في ظل الأزمة السورية"، عقده مركز كارنيغي للشرق الأوسط، في 19 آذار/مارس 2015.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها